عازف الكلمات القلب النابض
عدد المساهمات : 151 النقاط : 53708 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 10/04/2010
| موضوع: التخدير الفكري..سياسة غربية استعمارية الأحد يوليو 18, 2010 3:02 am | |
| لقد اشتدت علينا الفتن وادلهمت الخطوب واشتد الظلام وتكالبت على الأمة الإسلامية قوى الشر والعدوان ،وأصبح الحديث عن العزة والكرامة ونصر الله ضربا من الخيال والرجعية والتخلف . وأصبح في الأمة ثغرات ينفذ منها الأعداء ، وسَرَت الهزيمة إلى بعض ضعاف النفوس ، وتسلل اليأس والإستسلام إلى أبناء الأمة الإسلامية ، وخُدرت العقول ليصل الأمر ببعضهم أن لا يرى أكثر من أرنبة أنفه . فكان الظلم والضياع والتيه الذي أصابنا جراء التخدير الفكري؛فبعد أن أزيلت الدولة الإسلامية من الوجود قام الإستعمار مقامها وبسط نفوذه مكانها وركز أقدامه في كل جزء منها ، بأساليبه الخفية الخبيثة ؛فاحتل العقول وخدرها وعكس الصورة الإستعمارية على هذه الشخصية بإعطائها الوضع المثالي الذي يُقتدى به عن طريق بث ثقافته وحضارته والتدخل في مناهج التعليم فأصبح كثير من أبناء الأمة مثقفين ثقافة فاسدة ، تُعلمنا كيف يفكر غيرنا ، وتجعل فينا العجز – طبيعيا - عن التفكير وكيف نفكر نحن ، فاستطاع بذلك أن يخدر عقولنا ويقتل إحساسنا ،يأسر عقولنا وتفكيرنا لأن فكرنا غير متصل ببيئتنا ، وشخصيتنا ، وتاريخنا ، وليس مستمد من مبدئنا . كل هذا جعل من الطبيعي العجز عن التفكير في كل أمور حياتنا خاصة السياسية ، وفي أحسن حالات اليقظة يكون التفكير على الأساس الذي وضعه المحتل ليبقينا في التبعية والغربة والوحشة من مجتمعنا بل باحتقاره ، وبالتالي لا يمكن تصور الأوضاع القائمة في بلادنا إلا تقليدا للأجنبي حين التحدث عن النهضات ، ولا يكون التحرك من أجل المبدأ ، وإنما التحرك من أجل الوطن والشعب ، وهو تحرك خاطئ ، ومع ذلك لا يُثار من أجل البلاد ثورة صحيحة ولا يُضحى من أجل الشعب تضحية كاملة ، لأن الذي يثور لا يشعر شعورا فكريا بالأوضاع التي تكتنفه ، ولا يحس إحساسا فكريا بحاجات الشعب ، ولو ثار – في الحالات الشديدة - فإنه يثور كردة فعل لصدمة من الصدمات مع مصالحه الشخصية يهدأ عن إلقامه وظيفة أو تزول حين تصطدم بأنانيته ومنافعه ، أو يناله منها أذى . ومن جراء تسميم الأجواء بالسموم الفكرية التي لا تقل خطورة عن الهروين والآراء السياسية الفلسفية تم إفساد وجهة النظر الصحيحة عند المسلمين ، وبلبلة الفكر لدى المسلمين بلبلة ظاهرة في مختلف نواحي الحياة . بهذا التخدير الفكري فقد الكثير المركز الذي يدور حوله التنبه الطبيعي ، وبالتالي فإن كل يقظة تتحول إلى حركة مضطربة متناقضة ، تشبه حركة المذبوح تتنتهي بالخمود واليأس والإستسلام . بهذا التخدير أصبحت الشخصية الأجنبية مركز دائرة الثقافة , وموضع الإتجاه والبوصلة وقِبلة أنظار السِّياسيين أو محترفي السياسة الإستعانة بالأجنبي والإتكال عليه . دون الإدراك أن ربط قضيتنا بغير أنفسنا وعقيدتنا ومبدئنا هو انتحار سياسي . فكيف يفكر وعقله مُخدَّر بل في حالة شلل تام ؟ بهذا التخدير الفكري ؛ دماء المسلمين تُسفك على أيدي الأمريكان واليهود في العراق وفلسطين ،وأهل القوة والمنعة في الأمة الإسلامية، لا يتحركون لاستباحة دماء إخوتهم ومقدساتهم وكرامة أمتهم. فإن لم يثأروا لهذا ويتحركوا، فما الذي يحركهم؟ ألا يحركهم عويل النساء ونشيج الأطفال ونحيب الثكالى ؟ ألا تحركهم دماء الشهداء الزكية التي تُراق كالأنهار؟ ألاّ يتوقون إلى وعد ربهم جناتٍ عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. بهذا التخدير الفكري أصبح الكثير ينادي ويرفع الشعارات البراقة التي لا تسمن ولا تغني جوع ،وجعلها محور العمل الآني ، مع الترويج لاستحالة قيام الدولة الإسلامية , واستحالة وحدة البلاد الإسلامية ، مع وجود الإختلاف المدني والعنصري واللغوي ، مع أنها جميعها أمة واحدة ، تربطها العقيدة الإسلامية التي ينبثق عنها نظامها . بهذا التخدير الفكري وتعطيله وُجدت كثير من الأفكار السياسية المغلوطة والآراء الواقعية الرجعية ، مثل قولهم : ( الأمة مصدر السلطات ) ومثل ( السيادة للشعب ) و( خذ وطالب ) و ( إننا نأخذ نظامنا من واقعنا ) ومثل قولهم : ( الرضا بالأمر واقعيين ) و ( يجب أن نكون واقعيين ) وما شاكل ذلك . ومن نتائج التخدير الفكري قامت أحزاب وحركات غير مبدئية ولا تربطها رابطة ؛ فهي مفككة قائمة على الصداقات والمصالح بذرت بين الناس الحزازات والأحقاد العائلية واليأس والإستسلام لأنها لا تُعلم إلا التذبذب والدوران وراء المنفعة . لا بد للإنسان أيا كان هذا الإنسان أن يفكر بنفسه ولا يكون جاهلا ولا مدمنا على الأفكار والحضارة الغربية ولا أسيرا لغيره حين استعماله لعقله – إن بقي به عقل -. ولنا في قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي عبرة قال ابن إسحاق : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما يرى من قومه يبذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه . وجعلت قريش ، حين منعه الله منهم يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب وكان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة - ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها - فمشى إليه رجال من قريش - وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا - فقالوا له يا طفيل إنك قدمت بلادنا ، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا ، وقد فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه وبين الرجل وبين أخيه وبين الرجل وبين زوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا ، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئا . قال فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شيء من قوله وأنا لا أريد أن أسمعه . قال فغدوت إلى المسجد ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة . قال فقمت منه قريبا ، فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله . قال فسمعت كلاما حسنا . قال فقلت في نفسي : واثكل أمي والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته وإن كان قبيحا تركته . قال فمكثت حتى انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته فاتبعته ، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت : يا محمد إن قومك قالوا لي كذا وكذا - للذي قالوا - فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك ، فسمعته قولا حسنا ، فاعرض علي أمرك . قال فعرض علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام وتلا علي القرآن فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ولا أمرا أعدل منه قال فأسلمت ، وشهدت شهادة الحق وقلت : يا نبي الله إني امرئ مطاع في قومي ، وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه فقال اللهم اجعل له آية . إن التخدير الحقيقي هو تخدير العقول وإبعادها عن دينها وعدم تحكيم شرع الله في الحياة . فإلى الراغبين في رفع راية الحق في وقت طغى فيه الباطل وتجبَّر . إلى المتطلعين إلى رفع الظلم والطغيان .
إلى المنتمين لخير أمة أخرجت للناس كونوا مميزين في تفكيركم وفي نفوسكم ولا تسمحوا لروح الهزيمة أن تسري في قلوبكم . اعملوا لخلافة راشدة تحرر البشرية من الظلم والضياع والتيه الذي أصابنا . تفكروا في القرآن الكريم . تفكروا في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم . تفكروا في تاريخ هذه الأمة الإسلامية العريق بالأمجاد والإنتصارات . فالقادم أمامنا عظيم وشديد فأروا من أنفسكم خيرا وأظهروا حب الله ورسوله والتضحية في سبيله . {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23.
|
| |
|